الغرض من الملبس في نظر الإسلام
الغرض من الملبس في نظر الإسلام أمران؛ ستر العورة، والزينة. ولهذا امتن الله على بني الإنسان عامة بما هيأ لهم بتدبيره من لباس ورياش فقال تعالى: (يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا) سورة الأعراف:26.
فمن فرط في أحد هذين الأمرين: الستر أو التزين، فقد انحرف عن صراط الإسلام إلى سبل الشيطان. وهذا سر النداءين اللذين وجههما الله إلى بني آدم -بعد النداء السابق- يحذرهم فيهما من العري، وترك الزينة، اتباعا لخطوات الشيطان. قال تعالى: (يا بني آدم لا يفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ينزع عنهما لباسهما ليريهما سوآتهما) سورة الأعراف:27. وقال سبحانه: (يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) سورة الأعراف:31.
وقد أوجب الإسلام على المسلم أن يستر عورته التي يستحي الإنسان المتمدين بفطرته من كشفها، حتى يتميز عن الحيوان العاري. بل دعاه إلى هذا التستر وإن كان منفردا بعيدا عن الناس، حتى يصير الاحتشام له دينا وخلقا.
عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال: قلت: يا رسول الله عوراتنا ما نأتي منها وما نذر؟ فقال: (احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك). قلت: يا رسول الله، فإذا كان القوم بعضهم في بعض؟ (أي في السفر ونحوه) قال: (فإن استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها). فقلت: فإذا كان أحدنا خاليا (أي منفردا)؟ قال: "فالله تبارك وتعالى أحق أن يستحي منه".
إلى الفهرس
دين النظافة والتجمل
وقبل أن يعنى الإسلام بالزينة وحسن الهيئة وجه عناية أكبر إلى النظافة، فإنها الأساس لكل زينة حسنة، وكل مظهر جميل.
وقد روي عن الرسول صلى الله عليه وسلم: "تنظفوا فإن الإسلام نظيف".
(النظافة تدعو إلى الإيمان، والإيمان مع صاحبه في الجنة).
وحث عليه السلام على نظافة الثياب، ونظافة الأبدان، ونظافة البيوت، ونظافة الطرق، وعني خاصة بنظافة الأسنان، ونظافة الأيدي، ونظافة الرأس.
وليس هذا عجبا في دين جعل الطهارة مفتاحا لأولى عباداته وهي الصلاة؛ فلا تقبل صلاة من مسلم حتى يكون بدنه نظيفا، وثوبه نظيفا، والمكان الذي يصلي فيه نظيفا، وذلك غير النظافة المفروضة على الجسد كله، أو على الأجزاء المتعرضة للأتربة منه، المعروفة في الإسلام بالغسل والوضوء.
وإذا كانت البيئة العربية بما يكتنفها من بداوة وصحراء قد تغري أهلها أو الكثيرين منهم بإهمال شأن النظافة والتجمل، فإن النبي عليه السلام ظل يتعهدهم بتوجيهاته اليقظة، ونصائحه الواعية، حتى ارتقى بهم من البداوة إلى الحضارة، ومن البذاذة المزرية إلى التجمل المعتدل.
جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثائر الرأس واللحية، فأشار إليه الرسول -كأنه يأمره بإصلاح شعره- ففعل، ثم رجع. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "أليس هذا خيرا من أن يأتي أحدكم ثائر الرأس كأنه شيطان؟".
ورأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا رأسه أشعث، فقال: "أما وجد هذا ما يسكن به شعره؟".
ورأى آخر عليه ثياب وسخة، فقال: "أما كان هذا يجد ما يغسل به ثوبه؟".
وجاء إليه صلى الله عليه وسلم رجل وعليه ثوب دون. فقال له: "ألك مال؟ قال: نعم. قال: من أي المال؟ قال: من كل المال قد أعطاني الله تعالى. قال: فإذا آتاك الله مالا، فلير أثر نعمة الله عليك وكرامته".
وأكد الحث على النظافة والتجمل في مواطن الاجتماع مثل الجمعة والعيدين فقال: "ما على أحدكم -إن وجد سعة- أن يتخذ ثوبين ليوم الجمعة غير ثوبي مهنته".